اسماء الله الحسنى معنى اسم الله البر
نتناول فيه تعريف اسم الله البر والدليل على اثبات الإسم
اسم الله البر
الأدلة على إثبات الإسم
دل عليه آية واحدة في كتاب الله {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} الطور:28
ذكر أهل الجنة هذا الإسم (البر) بعد رؤية نعيم الجنة: لأن كل وعود البر قد تحققت، واستجاب الله دعاءهم، وأدخلهم الجنة، ووقاهم عذاب النار.
وسبب اقتران البر بالرحيم: لتتابع الألطاف، والعطايا، والرحمات، والفيوض الربانية تجاه هؤلاء المخلوقين، الضعفاء، الفقراء، المحتاجين.
هذا الاسم لم يرد في السنة بحديث صريح، لكن جاء ذلك من حديث أنس { إن من عباد الله تعالى من لو أقسم على الله لأبره } فهذا من قبيل الصفة، أو من قبيل الفعل لله
تعريف الإسم
المعنى الأول: المحسن واللطيف بعباده
فسره ابن عباس باللطيف، وهو الذي يعلم دقائق الأشياء.
والمعنى: عالم بأحوال الخليقة على تفرقهم، وكثرتهم، وكثرة حاجاتهم ومطالبهم، ومع ذلك يوصل إليهم أنواع الإحسان، والبر، كما أنه عالم بذنوبهم، ومعاصيهم، وخفاياهم، وخباياهم، ومع ذلك وسع كل شيء رحمة، وعلماً قال تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} (النحل:53) أي تلجئون إليه فهو الملجأ في جميع الحاجات، والمطالب، وإليه المفر من جميع المخاوف، وهذا لأهل البر، وأهل الفجور، ولا يستغني أحد عن ألطافه، وبره، ورحماته -تبارك وتعالى- ولكن الآخرة تكون لأهل الإيمان، فيصل إليهم رحمته، وفضله، ونعمته عليهم ،كما قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ} (الأعراف:156-157).
قال الخطابي -رحمه الله-: "البَر: هو العطوف على عباده، المحسن إليهم، عم ببره جميع خلقه، فلم يبخل عليهم برزقه".
وهذا عائد إلى لطفه أيضاً فهو بَرٌّ بالمحسن في مضاعفته له الأجور، وهو الذي يعطي العطاء الجزيل، كما قال النبي: {يمين الله ملآى، لا يَغيضُها نفقة، سحَّاء الليل والنهار}، وكذلك بر بالمسيء، يتجاوز، ويصفح، وينعم عليهم، ويغدق عليهم ألوان النعم، ويرزقهم، ويعافيهم، وهم يعصونه، ويحادونه، ويوصلون إليه الأذى، ويوصل إليهم الألطاف، فألطافه، وإحسانه، وبره عام لجميع الخلق، كما أن رحمته عمت خلقه أجمعين، كما قال تعالى: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} غافر
خرج أحد الأمراء يجوب بلدة حاتم الأصم يوما، فاجتاز على باب حاتم فاستسقى الماء، فلما شرب رمى إليهم شيئا من المال ففرح أهل الدار سوى ابنته الصغيرة فإنها بكت فقيل لها: ما يبكيك؟! فقالت: مخلوق نظر إلينا فاستغنينا، فكيف لو نظر إلينا الخالق؟!.
المعنى الثاني: الصادق سبحانه في حديثه وقوله، ووعده.
الصادق في حديثه وقوله: كما قال تعالى: { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} النساء:122، وقوله: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} النساء:87
والصادق في وعده: وذكر ذلك في القرءان عشر مرات، كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} ووعود الله إما دنيوية أو أخروية.
في الدنيا: يعد بالرزق، والعطاء والنصر وحسن العاقبة.
وفي الآخرة: يعد اهل الايمان برفع الدرجات، ومضاعفة الأجور، والحسنات، وبالنعيم المقيم في الجنات، ويحقق ذلك لهم، قال تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ}.
فلو نظر الإنسان من عهد نوح عليه السلام الى يومنا هذا لوجد أن العاقبة والنصر للمتقين، فالعبرة بكمال النهايات.
وفرق بين وعد الله ووعد المخلوق: فقد وقد يتأخر المخلوق أو ينسى أو يضعف عن تحقيقه أو يغير رأيه، أما وعده الله فهو متحقق، فلاتوجد قوة تستطيع أن تحول بينك وبين مراده سبحانه، ومن أيقن بذلك استحالة أن يسمع حديث النبي: { مَن قال سبحانَ اللهِ وبحمدِه غُرِسَتْ له نخلةٌ في الجنةِ} ثم يضيع الوقت ولايعمل به ويفوت هذا الوعد العظيم، استحالة أن يسمع حديث النبي: { ثلاثٌ أُقسِمُ عليهنَّ وأُحدِّثُكم حديثًا فاحفظوه قال ما نقص مالُ عبدٍ من صدقةٍ ولا ظُلِم عبدٌ مظلمةً صبر عليها إلَّا زاده اللهُ عزًّا فاعفوا يُعزَّكم اللهُ ولا فتح عبدٌ بابَ مسألةٍ إلَّا فتح اللهُ عليه بابَ فقرٍ} ويبخل ولايتصدق، أو يترك الصبر ويعتدي على الناس، وكذلك من المحال إذا مرض الإنسان وكان موقنًا بصدق وعد الله وقد سمع حديث النبي عَنْ عُثْمَانَ بنِ أَبِي العَاصِ الثَّقَفِيِّ، أنَّهُ شَكَا إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَجَعًا يَجِدُهُ في جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ضَعْ يَدَكَ علَى الذي تَأَلَّمَ مِن جَسَدِكَ، وَقُلْ باسْمِ اللهِ ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ باللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِن شَرِّ ما أَجِدُ وَأُحَاذِرُ"، فيقول: سأجرب ذلك؟!، وغيرها من وعود الله.
د. آلاء ممدوح محمود